في عام 1984 م، سافر المصور الأمريكي ستيف ماكوري إلى دولة باكستان، حاملا كاميرته نيكون FM2، وعدسة نيكور 105mm لإلتقاط صور من الصراع الدائر، بين أفغانستان والإتحاد السوفيتي سابقاً.
وأثناء زيارته لأحد مخيمات اللاجئين الأفغان في شمال باكستان لفتت إنتباهه فتاة صغيرة تبلغ من العمر 14 عاماً قتل والديها أثناء قصف ليلي من السوفييت على قريتهم الصغيرة، سألته الفتاة الصغيرة بعفوية : هل تأخذ لي صورة؟ لم يتوقع ستيف أن صورة تلك الفتاة ستكون مختلفة عن أي شيء قام بتصويره، وحققت الشهرة بعد نشرها على غلاف احدى المجلات عام 1985 م، وعرفت في الأوساط الإعلامية بالفتاة الأفغانية.
المهمة المستحيلة:ظل اسم الفتاة غير معروف طوال 17 عاماً، إلى أن قرر تلفزيون ناشيونال جيوغرافيك في يناير من العام 2002 م إرسال ستيف مرة أخرى للبحث عن الفتاة ذات العينين الخضراوين، لمعرفة تأثير ما جرى في أفغانستان عليها .خاب أمل الفريق في العثور على الفتاة عندما علموا أن مخيم باغ للاجئين قد أغلق، وبدأت عمليات البحث بين السكان للتعرف على صاحبة هذه الصورة، وعندها أخبرهم أحد السكان بأنها تدعى شربات غولا، وانتقلت إلى بلدتها الأصلية من مخيم اللاجئين في العام 1992 م .انتقلوا إلى القرية الصغيرة وتوصلوا إلى امرأة متزوجة، وأم لثلاث بنات تحمل ملامح تشبه الفتاة الصغيرة، يقول ستيف ماكوري :"عندما رأيتها كان واضحاً أنها نفس الفتاة، لم يكن هناك شك في ذهني، العيون هي نفسها، والندب المميز على أنفها، جميع ملامح الوجه تدل عليها،قامت المجلة بعد التقاط الصورة الثانية بتطبيق تكنولوجيا المسح الإلكتروني على بؤبؤ عين الفتاة في الصورة القديمة والجديدة للتأكد من أنها الشخص نفسه" .قالت له عندما أراها صورتها : "لم أشاهد هذه الصورة من قبل، ولكن بالتأكيد هي صورتي"،كانت تعبيراتها دائما تتسم بالحدة، ولم تبتسم طوال اللقاء، فلم يبق منها طوال تلك السنين سوى المعاناة والعينين الخضراوين".
وعندما سألها كيف استطاعت أن تواصل الحياة على الرغم مما لاقته من أهوال ومصاعب، أجابت بقولها :" أنها مشيئة الله".يقول ماكوري، أنه نظراً للتعاليم الدينية المحافظة لدى الأفغان، فانه لا يجب للمرأة أن تنظر أو حتى تبتسم لرجل غريب غير زوجها، ولهذا السبب فإنه لم ير شربات غولا مبتسمة أبداً، ودائماً ما كانت نظراتها على الأرض، فهي لا تعرف قوة عيونها. لقد نجحت المهمة المستحيلة، وعرف اسم صاحبة الصورة، ولكن فشل في إقناعها بالسفر معه إلى أمريكا للعمل في الدعاية والإعلانات بعد الشهرة الواسعة التي حققتها صاحبة الصورة، وذلك لأنه وجد امرأة مؤمنة بتعاليم وسلوكيات الدين الاسلامي التي تحرم ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق