السبت، 29 ديسمبر 2012

جار زوجتي كابوس يؤرقني!


shutterstock_77748820.jpg


كنت في المركز التجاري الكبير وسط البلد أشتري الحلوى لأطفالي، حين ارتطم كتفي بكتف رجل يحمل طعاماً للقطط، التفت له معتذرة؛ لأني أوقعت ما يحمل أرضاً، ولمحت وجهه، فشعرت أني أعرف هذا الوجه، أما هو فقد تسمر أمامي مشدوهاً، ولم يعبأ بأشيائه المتساقطة.
مشكلة مع زوجي
هنا بدأت المشكلة، فقد عاد زوجي بنفس اللحظة من أحد أقسام السوبر ماركت؛ ليجدني أتجاذب أطراف الحديث مع الرجل. فما كان مني إلا إن قدمته لزوجي وقلت له: إنه جارنا القديم، وتابعت لأغطي على ارتباكي: لقد ترك البلد منذ فترة طويلة ليدرس في ألمانيا، وتزوج من فتاة عربية، وأنجب منها طفلة جميلة.
من أجلك
ما لم أخبر به زوجي أن هذا الجار كان يحبني في صمت، وكنت أتجاهله وأتعالى عليه؛ بسبب ضعف وضعه المادي، وتردي ظروفه العائلية، ولم أعرف بحبه لي إلا يوم سفره لألمانيا لإكمال دراسته؛ حيث أرسل لي رسالة معطرة مع شقيقته، كتب فيها باختصار: من أجلك ومن أجلك فقط أسافر إلى ألمانيا. حينها فهمت أنه يحبني كثيراً، وأنه يريد أن يدرس ليطور وضعه ليليق بي، ولكني تزوجت بعد سفره بعام من زوجي، ونسيت كل شيء عن رسالته المعطرة، وإن بقيت أجمع أخباره بلا مبالاة ظاهرياً، وبقي اسمه الرباعي محفوراً في ذاكرتي.
صدفة عابرة
في طريق العودة نشبت مشادة بيني وبين زوجي، ولم يصدق أن هذا الرجل هو مجرد جار قديم. قال لي: كيف تتذكرين اسمه الرباعي كاملاً بعد هذه السنوات؟ حاولت إقناعه أن الأمر ببساطة أن اسمه مميز وسهل، ولكنه لم يقتنع. وطفت مشاهد الأفلام العربية في مخيلته وهو يقود السيارة بسرعة جنونية عائداً للبيت، ولمحت غيرته الشديدة مع عصبيته، وحاولت إقناعه أن هذا الرجل لا يمثل لي شيئاً، وهو العائد قريباً من الخارج، وكان لقائي به صدفة عابرة.
زوج غيور
في الحقيقة لم أكن أعرف أني أحب زوجتي وأغار عليها هكذا إلا حين لمحتها تقف مرتجفة كورقة خريف مبتلة، ومحمرة الوجنتين كمراهقة أمام هذا الرجل الذي يبدو عليه الثراء والوسامة، وحين سألتها عن اسمه وأخبرتني به كاملاً ورباعياً وبسرعة.. لم أصدق أنه جارها القديم؛ لأنها لا يمكن أن تحتفظ باسم جار منذ أكثر من عشر سنوات في ذاكرتها، وهي دائماً تقول إنها لا تحفظ الأسماء ولا الأرقام.
في الحقيقة إن الغيرة أعمتني، ولكني لم أشك لحظة أن ثمة علاقة جديدة بينهما، ولكني خشيت أن يكون في قلب زوجتي بقايا حب لهذا الرجل، فأنا لازلت رجلاً شرقياً ذكورياً، أحب أن أكون الرجل الأول والأخير في قلب زوجتي، لم أنس الأمر بسهولة إلا في ساعات المساء حين سمعت أغنية حبنا تنساب مع عطر زوجتي وفستانها الذي رأيتها فيه لأول مرة، وتقف في انتظاري لنشرب شاي الساعة الخامسة على الشرفة معاً.
حب تملك
وكان لعلم النفس رأي؛ فقد وجدت الاختصاصية النفسية إعتدال سعد، أن غيرة الرجل وجه آخر لحب التملك، وغيرة المرأة وجه آخر للحب. والجار القديم هو شبح في مخيلة كل رجل عربي، وحلم جميل في مخيلة كل امرأة عربية.
وقالت: على الزوج أن يقتنع أن زوجته لو كانت تريد هذا الرجل لانتظرته ولما تزوجت به بعد سفره مباشرة، وعلى الزوجة أن تنسى هذا اللقاء، وتكف عن جمع المعلومات عن هذا العائد للبلد؛ لترضي غرورها الأنثوي، وربما تباهت يوماً أمام صديقاتها بأن هذا الرجل ذو الشهرة والثراء كان يوماً يتيته بها حباً، الماضي صار ملكاً لدرج الذكريات، والنبش فيه كالنبش في الرماد، لن يطالنا منه سوى رائحة الرماد، وبقايا نار قد تشعل ناراً في بيت أساسه متين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق